| *ثوانٍ عشتُها من غزة!*|
كنتُ في جلسة عائلية خلال أيام العيد تمام الساعة التاسعة مساءً،
تغمرنا الفرحة، وتملؤ جوّنا السعادة، يمضي الوقت بين طُرفة واقعية، أو قصيدة كتبتها سابقًا، أو فائدة دنيوية أو أخروية،
فجأةً.. وبينا نحن على ذلك، إذ بصوت مرعب يتصاعد خلفنا كأنها القيامة، أو كريحٍ صرصرٍ عاتية، يقترب أكثر فأكثر، يخترق الأجواء قادمًا نحونا،
هنا خفتت أصوات الضاحكين، وانطبقت شفاه المتبسمين، وارتعدت فرائص الآمنين،
من هول الصوت.. التصقت بالأرض وجوههم، علَت صرخاتهم، تغيّرت ملامحهم، وكادت أن تقف قلوبهم!
فقدنا لذة الاجتماع، وحلاوة الحديث، وتكدرت الأجواء!
`وفي وقت لم يتجاوز الدقيقة!`
هدأ الصوت، وتلاشى شيئًا فشيئًا،
فهرعنا نرفع رءوسنا لننظر مالخطب الذي أرّقنا وكاد أن يفتك بنا، بل أخرجنا من عالمٍ إلى آخر!
كلُّ ذلك لم يكن سوى مرور طائرة تُقل مجموعة مسافرين، متجهة نحو القاهرة فيما يبدو!
فقد كانت جلستنا بالقرب من مطار المدينة جدًا،
عادت بي الذاكرة فحضرني حال سكان غزة"
تحدثني نفسي قائلةً: `أهالك خطبُك ولم يتجاوز دقيقة!`
حدثني عن حالهم وهم يعايشون الأبشع من هذا يوميًا، بل مع كل رمشة عين تتلى على آذانهم فاجعة، ومع كل حركة تسقط على أجسادهم غارةٌ لا تبقي منهم ولا تذر،
أنتَ فُجعتَ فرفعت رأسك وكأن شيئًا لم يكن، لكنهم إن نزلت رءوسهم لا تُرفع، وإن سمعت صرخاتٍ فبعدها لن تسمع،
لا ملجأ يلوذون إليه سوى ربهم، لا طعام يقيم صلبهم، لا بلسم يداوي جراحهم، لا سطح يقيهم الحر، ولا وقاء يقيهم القرّ،
من خرج فلا يرجع، ومن نام فلا يصحو، رعبٌ وأهوال، شدة وزلازل،
يأخذ الطفل كسرة الخبز اليابسة المتعفنة، يبدأ قضمها فلا يكملها إلا وقد *انفصل رأسه عن جسده،*
يغلب أباه النوم فينطبق جفنه بعد سهر أيام وليال فلا يصحو إلا وهو *بين يدي منكر ونكير،*
قُتل إمام مسجد الحيّ، قُتل الطبيب، قُتل المسعِف، قُتل البقال، قُتل المعلم، ، قُتل الرُضّع،
( *قُتل الجميع!* )
حسبنا الله ونعم الوكيل
اللهم إليك المشتكى.. فقد ضاقت الأرض بما رحبت، وإنا عاجزون فامكر لنا يا الله.
#منقول
| *ثوانٍ عشتُها من غزة!*|
كنتُ في جلسة عائلية خلال أيام العيد تمام الساعة التاسعة مساءً،
تغمرنا الفرحة، وتملؤ جوّنا السعادة، يمضي الوقت بين طُرفة واقعية، أو قصيدة كتبتها سابقًا، أو فائدة دنيوية أو أخروية،
فجأةً.. وبينا نحن على ذلك، إذ بصوت مرعب يتصاعد خلفنا كأنها القيامة، أو كريحٍ صرصرٍ عاتية، يقترب أكثر فأكثر، يخترق الأجواء قادمًا نحونا،
هنا خفتت أصوات الضاحكين، وانطبقت شفاه المتبسمين، وارتعدت فرائص الآمنين،
من هول الصوت.. التصقت بالأرض وجوههم، علَت صرخاتهم، تغيّرت ملامحهم، وكادت أن تقف قلوبهم!
فقدنا لذة الاجتماع، وحلاوة الحديث، وتكدرت الأجواء!
`وفي وقت لم يتجاوز الدقيقة!`
هدأ الصوت، وتلاشى شيئًا فشيئًا،
فهرعنا نرفع رءوسنا لننظر مالخطب الذي أرّقنا وكاد أن يفتك بنا، بل أخرجنا من عالمٍ إلى آخر!
كلُّ ذلك لم يكن سوى مرور طائرة تُقل مجموعة مسافرين، متجهة نحو القاهرة فيما يبدو!
فقد كانت جلستنا بالقرب من مطار المدينة جدًا،
عادت بي الذاكرة فحضرني حال سكان غزة"
تحدثني نفسي قائلةً: `أهالك خطبُك ولم يتجاوز دقيقة!`
حدثني عن حالهم وهم يعايشون الأبشع من هذا يوميًا، بل مع كل رمشة عين تتلى على آذانهم فاجعة، ومع كل حركة تسقط على أجسادهم غارةٌ لا تبقي منهم ولا تذر،
أنتَ فُجعتَ فرفعت رأسك وكأن شيئًا لم يكن، لكنهم إن نزلت رءوسهم لا تُرفع، وإن سمعت صرخاتٍ فبعدها لن تسمع،
لا ملجأ يلوذون إليه سوى ربهم، لا طعام يقيم صلبهم، لا بلسم يداوي جراحهم، لا سطح يقيهم الحر، ولا وقاء يقيهم القرّ،
من خرج فلا يرجع، ومن نام فلا يصحو، رعبٌ وأهوال، شدة وزلازل،
يأخذ الطفل كسرة الخبز اليابسة المتعفنة، يبدأ قضمها فلا يكملها إلا وقد *انفصل رأسه عن جسده،*
يغلب أباه النوم فينطبق جفنه بعد سهر أيام وليال فلا يصحو إلا وهو *بين يدي منكر ونكير،*
قُتل إمام مسجد الحيّ، قُتل الطبيب، قُتل المسعِف، قُتل البقال، قُتل المعلم، ، قُتل الرُضّع،
( *قُتل الجميع!* )
حسبنا الله ونعم الوكيل
اللهم إليك المشتكى.. فقد ضاقت الأرض بما رحبت، وإنا عاجزون فامكر لنا يا الله.
#منقول