جهاد الكلمة

لا تُقلل من شأن أن تُجاهد بكلمة يا صاح؛ فربّ كلمة لا تُلقي لها بالًا خرجت خالصةً لوجهِ الله، كانت سببَ نجاتك وفتحَ الله عليك بعدها. لا تنتظر أن تُتم حفظَ كتابِ الله والبخاري ومسلمَ كي تدعو إلى الله ولو بآيةٍ وكلمةٍ.

أحبُّ كثيرًا قصة القائد السارق الصائم، تأسرني مقولتُه عندما قال: (إني أترك بابًا بيني وبين الله، لعلّي أن أدخل منه إلى الجنة)، وقولُ سهيل بعدما قابله في الحج: (من ترك بينه وبين الله بابًا دخل منه يومًا).

كثيرًا ما يترددُ في ذهنِ المرءِ: (من أنا لكي أدعو إلى الله وأكونَ لهم ناصحًا وأنا أكثرهم عصيانًا وذنوبًا)، إلى أن قرأتُ كلام القرطبي لما قال في تفسيره: (قال مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، سمعت سعيد بن جبير يقول: لو كان المرءُ لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر حتى لا يكون فيه شيء، ما أمر بمعروف ولا نهى عن منكر، قال مالك: وصدق، من ذا الذي ليس فيه شيء!).

اترك بابًا بينك وبين الله مهما كثُرت معاصيك، لا تتوقف عن النهي عن المنكر ولو بقلبك. الجهادُ يكون بالكلمةِ وبالعملِ والقولِ والفعلِ. تعلَّمت حديثًا غيَّر فيكَ شيئًا؛ أخبر عنه من حولك قاصدًا به وجه الله. فتح الله عليكَ بفهم آيةٍ من كتابهِ واستلذ قلبك بمعانيها؛ علِّم ما علمه الله لكَ لعباده. سمعت شيئًا عن الله كان وقعه على قلبك أكبر من وقعهِ على سمعك؛ لا تتردد في مشاركته مع من حولك. لعلَّ الله يهدي بها قلبًا؛ فتكون النجاة له ولكَ.

وعلى الله قصدُ السبيل.